يقول الاستاذ محمد عبدالله عنان
كان المنصور بن أبي عامر عبقرية فذة، تمثل ذروة النبوغ الشعبي، والطموح الفردى؛ فقد خرج المنصور من صفوف الطبقة الوسطى، وشق طريقه بساعده وهمته إلى السلطان والرياسة، ولم تسعفه في ذلك نشأة ملوكية، أو انقلاب عنيف، ولم يكن عزمه في بلوغ ذلك أقل شأناً من تألق طالعه، وقد وصل المنصور إلى مرتبة من السلطان والقوة، لم يصل إليها أحد قبله من أعاظم أمراء الأندلس حتى ولا عبد الرحمن الناصر نفسه. ويمكننا أن نقول إنه إذا كان عهد الناصر ألمع صفحة في تاريخ اسبانيا المسلمة، من النواحي السياسية والحضارية، فإن عهد المنصور لا يقل عنه لمعاناً وتألقاً، بل ربما امتاز على عهد الناصر، بما أحرزته اسبانيا المسلمة خلاله، من تفوق عظيم في السلطان والقوى العسكرية، في شبه الجزيرة الإسبانية. فقد استطاعت إسبانيا النصرانية في عهد الناصر، أن تنتهز فرصة الفتن الداخلية بالأندلس، وأن توطد قواها العسكرية، وأن تغزو الأندلس غير مرة غزوات مخربة، وقد لقى الناصر على يد النصارى غير هزيمة فادحة، أما في عهد المنصور، فقد انتهت اسبانيا النصرانية إلى حالة يرثى لها من التفكك والضعف، واستمرت زهاء ثلث قرن تتلقى ضربات المسلمين الساحقة المتوالية. وقد وصل المنصور في غزواته في شبه الجزيرة الإسبانية، إلى مواطن لم يبلغها فاتح مسلم من قبل.
بدأ المنصور حياته في حلبة العلم والدرس، ولكن سرعان ما تفتحت مواهبه الإدارية والسياسية، فجاز مراتب المناصب السلطانية بسرعة، وظهر في كل منها بفائق كفايته وحزمه. وما كاد يختفي الحكم المستنصر من الميدان ويقوم ولده الطفل هشام في الخلافة، حتى تبلورت مطامع المنصور، واتجهت تواً إلى غايتها البعيدة، فكان الصراع مع الفتيان الصقالبة، ثم مع الحاجب جعفر، ولم يتح بعد ذلك لأية قوة معارضة أن تقف في سبيله. ولما اجتمعت سائر السلطات في يده، اتشح بثوب الحاكم المطلق، الذي لا يطيق أية مشاركة في سلطانه أو أي اعتراض لرأيه، ولم يدخر وسعاً في أن يخمد أية نزعة للخروج أو الثورة على حكمه.
#ذكرى_وفاة_الحاجب_المنصور
#فتى_الأندلس
#الحاجب_الرهيب

كان المنصور بن أبي عامر عبقرية فذة، تمثل ذروة النبوغ الشعبي، والطموح الفردى؛ فقد خرج المنصور من صفوف الطبقة الوسطى، وشق طريقه بساعده وهمته إلى السلطان والرياسة، ولم تسعفه في ذلك نشأة ملوكية، أو انقلاب عنيف، ولم يكن عزمه في بلوغ ذلك أقل شأناً من تألق طالعه، وقد وصل المنصور إلى مرتبة من السلطان والقوة، لم يصل إليها أحد قبله من أعاظم أمراء الأندلس حتى ولا عبد الرحمن الناصر نفسه. ويمكننا أن نقول إنه إذا كان عهد الناصر ألمع صفحة في تاريخ اسبانيا المسلمة، من النواحي السياسية والحضارية، فإن عهد المنصور لا يقل عنه لمعاناً وتألقاً، بل ربما امتاز على عهد الناصر، بما أحرزته اسبانيا المسلمة خلاله، من تفوق عظيم في السلطان والقوى العسكرية، في شبه الجزيرة الإسبانية. فقد استطاعت إسبانيا النصرانية في عهد الناصر، أن تنتهز فرصة الفتن الداخلية بالأندلس، وأن توطد قواها العسكرية، وأن تغزو الأندلس غير مرة غزوات مخربة، وقد لقى الناصر على يد النصارى غير هزيمة فادحة، أما في عهد المنصور، فقد انتهت اسبانيا النصرانية إلى حالة يرثى لها من التفكك والضعف، واستمرت زهاء ثلث قرن تتلقى ضربات المسلمين الساحقة المتوالية. وقد وصل المنصور في غزواته في شبه الجزيرة الإسبانية، إلى مواطن لم يبلغها فاتح مسلم من قبل.
بدأ المنصور حياته في حلبة العلم والدرس، ولكن سرعان ما تفتحت مواهبه الإدارية والسياسية، فجاز مراتب المناصب السلطانية بسرعة، وظهر في كل منها بفائق كفايته وحزمه. وما كاد يختفي الحكم المستنصر من الميدان ويقوم ولده الطفل هشام في الخلافة، حتى تبلورت مطامع المنصور، واتجهت تواً إلى غايتها البعيدة، فكان الصراع مع الفتيان الصقالبة، ثم مع الحاجب جعفر، ولم يتح بعد ذلك لأية قوة معارضة أن تقف في سبيله. ولما اجتمعت سائر السلطات في يده، اتشح بثوب الحاكم المطلق، الذي لا يطيق أية مشاركة في سلطانه أو أي اعتراض لرأيه، ولم يدخر وسعاً في أن يخمد أية نزعة للخروج أو الثورة على حكمه.
#ذكرى_وفاة_الحاجب_المنصور
#فتى_الأندلس
#الحاجب_الرهيب

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق