السبت، 18 مايو 2013

يقول ابن حزم الاندلسى عن ملوك الطوائف وكأنه يصف ملوكنا اليوم

" والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها، فنحن نراهم يستمدون النصارى فيمكنونهم من حرم المسلمين وأبنائهم ورجالهم يحملونهم أسارى إلى بلادهم.... وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعاً فأخلوها من الإسلام وعمروها بالنواقيس، لعن الله جميعهم وسلط عليهم سيفاً من سيوفه "


د/محمود ماهر


القضاء بالاندلس

كان لا يباح للعالم في الأندلس أن يفتي إلا إذا استظهر (الموطأ) و (المدونة) أو عشرة آلاف حديث، ويتميز حينئذ بلبس القلنسوة ويقال له المقلس.

http://www.facebook.com/al.andalus1492

د/محمود ماهر
من كتاب العواصم من القواصم

السبت، 4 مايو 2013

ما بين عبدالرحمن بن الحكم وابنه المنذر


كتب المنذر بن عبدالرحمن الاوسط الى ابيه - وكان من بين ولده بليغاً مفوهاً - فكتب إليه يسأله أن يأذن له في اعتلاء المنبر بالبلد الذي كان يليه له ليقيم الجمعة ويخطبهم، ليحيي رسوم سلفهم وينوه به في إتباعهم. فوقع على ظهر كتابه: قالت الحكماء: لو كان الكلام من فضة، لكان الصمت من ذهب، وإني لأشفق عليك مما تحسنه، فكيف مما توهم عليك بعض التقصير فيه؟ بملحم سدادهما ومقتدح زنادهما ومجاريهما في مضمار باطلهما: زرياب المغني، تالى وحي الشيطان،وثالث أثافي السلوان، ما له من متعة نعيم تملك القلوب، وتصور إليها الآذان، لو أن حياً يسلم من الحدثان.




محمود ماهر

من  كتاب المقتبس من انباء
الاندلس


بين آسفى والاشبونة وقصة حقيقية وردت فى صفة جزيرة الاندلس للحميرى

الأشبونة بغربي باجة، وهي مدينة قديمة على سيف البحر تنكسر أمواجه في سورها، واسمها قودية، وسورها رائق البنيان، بديع الشأن، وبابها الغربي قد عقدت عليه حنايا فوق حنايا على عمدٍ من رخام مثبتةٍ على حجارة من رخام وهو أكبر أبوابها، ولها باب غربي أيضاً يعرف بباب الخوخة مشرف على سرح فسيح يشقه جدولا ماء يصبان في البحر، ولها باب قبلي يسمى باب البحر تدخل أمواج البحر فيه عند مده وترتفع في سوره ثلاث قيم، وباب شرقي يعرف بباب الحمة، والحمة على مقربةٍ منه ومن البحر ديماس ماءٍ حارٍ وماءٍ باردٍ، فإذا مد البحر واراهما؛ وباب شرقي أيضاً يعرف بباب المقبرة. والمدينة في ذاتها حسنة ممتدة مع النهر، لها سور وقصبة منيعة؛ والأشبونة على نحر البحر المظلم؛ وعلى ضفة البحر من جنوبه قبالة مدينة الأشبونة حصن المعدن؛ ويسمى بذلك لأن عند هيجان البحر يقذف بالذهب التبر هناك؛ فإذا كان الشتاء قصد إلى هذا الحصن أهل تلك البلاد فيخدمون المعدن الذي به إلى انقضاء الشتاء، وهو من عجائب الأرض.ومن مدينة الأشبونة كان خروج المغرورين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه، ولهم بأشبونة موضع بقرب الحمة منسوب إليهم يعرف بدرب المغرورين، وذلك أن ثمانية رجال، كلهم أبناء عمٍ، اجتمعوا فابتغوا مركباً وأدخلوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم لأشهرٍ، ثم دخلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية، فجروا بها نحواً من إحدى عشر يوماً؛ فوصلوا إلى بحرٍ غليظ الموج، كدر الروائح، كثير التروش، قليل الضوء، فأيقنوا بالتلف، فردوا قلعهم في اليد الأخرى، وجروا في البحر في ناحية اثنى عشر يوماً؛ فخرجوا إلى جزية الغنم، وفيها من الغنم مالا يأخذه عدو لا تحصيل، وهي سلوحة لا ناظر لها ولا راع، فقصدوا الجزيرة ونزلوها فوجدوا عين بماء جاريةً، عليها شجرة تينٍ برىٍ، فأخذوا من تلك الغنيم فذبحوها فوجدوا لحومها مرةً لا يقدر أحد على أكلها، فأخذوا من جلودها وساروا مع الجنوب اثنى عشر يوماً إلى أن لا حت لهم جزيرة، فنظروا فيها إلى عمارةٍ وحرثٍ، فقصدوا إليها ليروا ما فيها، فما كان إلا غير بعيدٍ حتى أحيط بهم في زوارق، فأخذوا وحملوا إلى مدينةٍ على ضفة البحر، فأنزلوا بها في دارٍ، فرأوا بها رجالاً شقراً زعراً، شعورهم سبطة، وهم طوال القدود، ولنسائهم جمال عجيب، فاعتقلوا في بيت ثلاثة أيام ثم دخل عليهم في اليوم الرابع رجل يتكلم باللسان العربي، فسألهم عن حالهم، وفيم جاؤوا، وأين بلادهم فأخبروه بكل خبرهم فوعدهم خيراً، وأعلمهم أنه ترجمان؛ فلما كان في اليوم الثاني من ذلك اليوم أحضروا بين يدي الملك، فسألهم عما سألهم عنه الترجمان فأخبروه بما أخبروا به الترجمان بالأمس، وأنهم اقتحموا البحر ليروا ما فيه من العجائب، وليقفوا على نهايته، فلما علم الملك ذلك ضحك وقال للترجمان: أخبر القوم أن أبي أمر قوماً من عبيده بركوب هذا البحر، وأنهم جروا في عرضه شهراً إلى أن انقطع عنهم الضوء وانصرفوا من غير فائدةٍ تجدي، ثم وعدهم خيراً، وصرفوا إلى موضع حبسهم، إلى أن بدأ جرى الريح الغربية؛ فعمر بهم زورق وعصبت عيونهم وجرى بهم في البحر برهةً من الدهر. قال القوم: قدرنا أنه جرى بنا ثلاثة أيامٍ بلياليها، حتى جئ بنا إلى البر، فأخرجنا وكتفنا إلى خلفٍ، وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار، وطلعت الشمس، ونحن في ضنكٍ وسوء حالٍ من شدة الكتاف، حتى سمعنا ضوضاء وأصوات ناسٍ فصحنا بجملتنا، فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحال السيئة؛ فحلوا أو ثاقنا وسألونا فأخبرناهم بخبرنا، وكانوا برابر، فقال لنا أحدهم: أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم؟ فقلنا: لا، فقال: مسيرة شهرين! فقال زعيم القوم: واأسفى! فسمى المكان إلى اليوم آسفي، وهو المرسى الذي في أقصى المغرب


محمود ماهر


سيد قراء القرآن الإمام الشاطبي
هو أبو محمد القاسم بن فِيرُّه بن أحمد الشَّاطِبِيُّ الرُّعَيْنِيُّ. وُلِد عام 538هـ في مدينة شاطبة بالأندلس، كُفَّ بصره صغيرًا، وعنيت به أسرته، فحفظ القرآن الكريم، وتعلم طرفًا من الحديث والفقه، واتجه إلى حلقات العلم التي كانت تعقد في مساجد شاطبة، ومالت نفسه إلى علم القراءات، فتلقاها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النَّفْزِيِّ، ثم شدَّ رحاله إلى بلنسية وكانت من حواضر العلم في الأندلس. وممن كنَّاه أبا القاسم كالسخاوي وغيره، لم يجعل له اسمًا سواها، والأكثرون على أنه أبو محمد القاسم.
رحل الإمام الشاطبي إلى الحج، وهو في طريقه إلى الأراضي الحجازية نزل الإسكندرية، تلقى فيها الحديث عن الحافظ السلفي، ثم استكمل طريقه إلى الحجاز لأداء مناسك الحج، وفي طريق العودة دخل مصر وكانت تحت حكم الأيوبيين؛ فأكرم (القاضي الفاضل) وفادته، وأحسن استقباله وعرف مكانته، وأنزله مدرسته التي بناها بدرب الملوخية بالقاهرة، وجعله شيخًا لها.
طابت للشاطبي الحياة بالقاهرة فاستوطنها واستقر بها، وجلس للإقراء والتعليم، فطارت شهرته في الآفاق، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وكان الشيخ إمامًا متقنًا في علمه، متبحرًا في فنِّه، آية في الفهم والذكاء، حافظًا للحديث، بصيرًا باللغة العربية، إمامًا في اللغة، مع زهد ودين وورع وإخلاص، زاده هيبة وإجلالاً، وأسبغ عليه الاشتغال بالقرآن نورًا كسا وجهه، وألقى محبة له في القلوب.
ولما فتح الله على الناصر صلاح الدين الأيوبي باسترداد مدينة بيت المقدس - ردَّ الله غربتها - سنة (583هـ/ 1187م)، توجَّه فزاره سنة (589هـ/ 1193م)، ثم رجع فأقام بالمدرسة الفاضلية، وأقام بها يُقرِئ الناس ويعلمهم.
منظومة الشاطبية
تعود شهرة الشاطبي رحمه الله إلى منظومته (حرز الأماني ووجه التهاني) في القراءات السبع، وهي قراءات نافع إمام أهل المدينة، وابن كثير إمام أهل مكة، وأبي عمرو بن العلاء إمام أهل البصرة، وعاصم وحمزة والكسائي أئمة أهل الكوفة، وابن عامر إمام أهل الشام. وجاء عنه قال: "لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلا وينفعه الله؛ لأنني نظمتها لله".
ومتن الشاطبية، ذلك النظم المدهش، نجد الشاطبي لم يكتفِ بالقراءات فحسب، بل ضمن منظومته العديد من الفوائد النحوية، واللغوية، والإشارت الوعظية، والاقتباسات الحديثية.
والشاطبية قصيدة لامية اختصرت كتاب (التيسير في القراءات السبع) للإمام أبي عمرو الداني المُتوفَّى سنة (444هـ/ 1052م)، وقد لقيت إقبالاً منقطع النظير، ولا تزال حتى يومنا هذا العمدة لمن يريد إتقان القراءات السبع، وظلت موضع اهتمام العلماء منذ أن نظمها الشاطبي رواية وأداءً، وذلك لإبداعها العجيب في استعمال الرمز وإدماجه في الكلام، حيث استعمله عوضًا عن أسماء القراء أو الرواة، فقد يدل الحرف على قارئ واحد أو أكثر من واحد، وهناك رموز ومصطلحات في المنظومة البديعة، لا يعرفها إلا من أتقن منهج الشاطبي وعرف مصطلحه، وقد ضمَّن في مقدمة المنظومة منهجه وطريقته، ومن أبياتها:
جزى الله بالخيرات عنا أئمـة *** لنا نقلوا القرآن عذبًا وسلسلا
فمنهم بُدورٌ سبعة قد توسطت *** سماء العُلا والعدل زهر وكُمَّلا
لها شهبٌ عنها استنارت فنوَّرتْ *** سواد الدجى حتى تفرق وانجلا
مناقب الشاطبي
كان الشاطبي (رحمه الله) إمامًا ثبتًا، حجةً في علوم القرآن والحديث واللغة، كما كان آية من آيات الله في حدة الذهن، وحصافة العقل، وقوى الإدراك، وكان مثلاً أعلى في الصبر والاستسلام لله تعالى والخضوع لحكمه، وكان إذا سُئِل عن حاله لا يزيد على أن يقول: العافية.
وكان عالمًا بكتاب الله تعالى قراءة وتفسيرًا، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مُبرَّزًا فيه، وكان إذا قُرِئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ تُصحح النسخ من حفظه، وكان أوحدَ في علم النحو واللغة، عارفًا بعلم الرؤيا، حسن المقاصد، مخلصًا فيما يقول ويفعل.
آراء العلماء في الشاطبي
هذا وقد أفاض العديد من العلماء في الحديث عنه؛ فنجد ابن خلكان يتحدث عنه في وفيات الأعيان فيذكر عنه: "صاحب القصيدة التي سماها حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات، وعدتها ألف ومائة وثلاثة وسبعون بيتًا، ولقد أبدع فيها كل الإبداع، وهي عمدة قُرَّاء هذا الزمان في نقلهم، فقلَّ من يشتغل بالقراءات إلا ويقدم حفظها ومعرفتها، وهي مشتملة على رموز عجيبة وإشارات خفية لطيفة، وما أظنة سبق إلى أسلوبها، وقد روي عنه أنه كان يقول: لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلا وينفعه الله عز وجل بها؛ لأني نظمتها لله تعالى مخلصًا في ذلك. ونظم قصيدة دالية في خمسمائة بيت مَن حفظها أحاط علمًا بكتاب التمهيد لابن عبد البر".
وللذهبي في (سير أعلام النبلاء): "الشيخ الإمام، العالم العامل، القدوة، سيد القراء، أبو محمد، وأبو القاسمِ القاسمُ بن فِيرُّه بن خلف بن أحمد الرعيني، الأندلسي، الشاطبي، الضرير، ناظم الشاطبية والرائية".
وفاة الشاطبي
تُوفِّي وعمره اثنان وخمسون عامًا في (28 من جمادى الآخرة 590هـ/ 20 من يونيو 1194م)، ودفن في تربة القاضي الفاضل بالقرب من سفح جبل المقطم بالقاهرة. رحمه الله، وجزاه عما قدم لهذا العلم خير الجزاء.

الصورة من مدينة شاطبه