وذكر أنَّ سليمان قال لموسى: (ما الذي كنت تفزع إليه عند حروبك ومباشرة عدوك؟) قال: (كنت أفزع إلى التضرُّع والدعاء والصبر عند اللقاء!) قال: (فأيُّ الخيل رأيتها في تلك البلاد أسبق؟) قال: (الشقر!) قال: (فأيُّ الأمم كانوا أشد قتالا؟) قال: (هم أكثر من أن أصفهم!) قال: أخبرني عن الروم!) قال: (أسد في حصونهم، عقبان على خيولهم، نساء في مواكبهم، إن رأوا فرصة انتهزوها، وإن رأوا غلبة، فأوعال تذهب في الجبال، لا يرون الهزيمة عاراً.) قال: (فأخبرني عن الأندلس!) قال: (ملوك مترفون، وفرسان لا يخيبون.) قال: فأخبرني عن الإفرنج!) قال: (هناك العدد والعدة، والجلد والشدة، والبأس والنجدة!) قال: (فأخبرني كيف كانت الحرب بينك وبينهم: أكانت لك أو عليك؟) فقال: (أما هذا، فوالله! ما هزمت لي راية قط، ولا بدد جمعي، ولا نكب المسلمون معي، منذ اقتحمت الأربعين إلى أن بلغت الثمانين!) فضحك سليمان، وعجب من قوله. ثم دعا سليمان بطست
من ذهب؛ فجعل يردد بصره فيه؛ فقال له موسى: (إنك لتعجب من غير عجب! واله! ما أحسب أن فيه عشرة آلاف دينارّ والله! لقد بعثت إلى أخيك الوليد بشنور من زبرجد أخضر، كان يصب فيه اللبن، فيخضر وترى فيه الشعرة البيضاء؛ ولقد قوم بمائة ألف مثقال، وإنه لمن أدنى ما بعثت به إليه! ولقد أصبت كذا وأصبت كذا!) وجعل يعدد ما أصاب من الدُّر والياقوت والزبرجد، حتى بهت سليمان من قوله.
د/محمود ماهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق